فأمسحي وجهه من الغبار، وانزعي سلاحه، فقامت إليه فقال: بأبي أنت إنّي مشفق عليك من ريح الحديد والصدأ، فقالت: والله لهو أطيب ريحا من المسك الأذفر فقبّلها وصالحها.
وقال المدائني: خرج مصعب من البصرة إلى الكوفة للقاء عبد الملك، وخلف على البصرة سنان بن سلمة بن المحبّق الهذلي، وكانت لأبيه صحبة وولد سنان أيّام حنين، فحنكه النبيّ ﷺ، فلم يزل على البصرة حتى قدم المصعب.
وخلّف عبّاد بن الحصين معه على شرطته وقتل مصعب يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى - أو الآخرة - سنة اثنتين وسبعين، ولما قتل مصعب وثب حمران على البصرة.
المدائني وغيره، قالوا: لما قدم مصعب الكوفة دخل إليه عبد الله بن الزبير الأسدي فقال أنت القائل:
إلى رجب أو ذلك الشهر قبله … توافيكم بيض المنايا وسودها
ثمانون ألفا دين عثمان دينهم … مسوّمة جبريل فيها يقودها
فخافه، ثم قال: نعم أنا قلته، قال: فإنّا قد عفونا عنك وأمرنا لك بمائة ألف، فخرج من عنده وهو يقول:
جزى الله عنّي مصعبا إنّ سيبه … ينال به الجاني ومن ليس جانيا
ويعفو عن الذنب العظيم تكرّما … ويعطي من المعروف ما لست ناسيا
المدائني، قال: أتى رسول مصعب عمرو بن النعمان بن مقرّن بمال فقال له: الأمير يقرئك السلام، ويقول: إنّا لم ندع بالكوفة قارئا إلاّ وقد ناله معروفنا فاستعن على نفقة شهر رمضان بهذا، فقال: وعلى الأمير