ثم أتى ابن الحرّ وهو في مائة وثلاثين فارسا الكوفة، ومعهم الفؤوس والكلاليب لمكاثرة أصحاب السجن فأتى السجن فدخله فأخرج امرأته وكل من كان في السجن. فقاتله ابن كامل صاحب شرطة المختار فهزمه ابن الحرّ وانطلق ابن الحرّ بامرأته حتى أدخلها بيوت جعفّي، فتوارت عند كريب بن سلمة الجعفي، ولم يزل ابن الحرّ يقاتل قومه بالكوفة ويقول:
ألم تعلمي يا أمّ توبة أنّني … أنا الفارس الحامي حقائق مذحج
وأنّي أتيت السجن في رونق الضحى … بكلّ فتى يحمي الذمار مدجج
ثم أغار ابن الحرّ على شبام من همدان فقاتله عبد الله بن اريم وجعل يقول:
لقد منيتم بأخي جلاد … ليس بفرّار ولا حيّاد
ثبت المقام مقعص الأعادي
فشد عليه ابن الحرّ فصرعه وظنّ أنّه قد قتله ثم عولج فبرئ وهزم من لقيه من شبام وشاكر وقال:
سائل بي المختار كم قد ذعرته … وشرّدت أطرافا له وجموعا
وقاتلته والناس قد أذعنوا له … وقد أقشع الأحياء عنه جميعا
فلم يزل مخالفا للمختار حتى قتله المصعب.
وتكلّم أهل الكوفة في قتل أصحاب المختار فقال ابن الحرّ: أمّا أنا فأرى أن يردّ الأمير كلّ قوم ممّن كان مع هذا الكذّاب إلى قومهم، فإنّه لا غناء بنا عنهم في ثغورنا، ويردّ عبيدنا علينا فإنّهم لأراملنا وضعفائنا وأن نضرب أعناق الموالي فقد بدا كفرهم وعظم كبرهم وقلّ شكرهم ولا آمنهم