أهل اليمن إلا أنّ قيسا كانوا رؤوس الناس معه عددهم، فلما قتل الضحّاك مضى زفر فأتى قنسرين فاحتمل ما كان له بها إلى قرقيسياء.
قال الكلبي: ويقال بل كان عاملا عليها من قبل الضحّاك، فأمدّه وسرّب الخيول إليه، فلما قتل هرب إلى قرقيسياء. ولما أتى قرقيسياء ضوى إليه خلق من قيس فرسان ورجال، وكان عياض بن عمرو الحميري بقرقيساء وقد غلب عليها، فقال له زفر: إنّي إنّما جئت لدخول الحمّام لعلّة عرضت لي، ثمّ أنا منصرف عنك فخاف عياض أن لا يفعل فأحلفه فحلف له زفر ليخرجن منها بعد دخول الحمّام بقرقيسياء، فلما صار بالمدينة أخرج عياضا منها ولم يدخل الحمّام بها أيّام مقامه كلّها، وكان دخوله إياها في المحرم سنة خمس وستّين، وذلك قبل مرور التوابين به بأشهر.
قال: وتشاغل مروان بمصر حتى غلب عليها، ثم وجّه عبيد الله بن زياد وقال له: أنت أمير كلّ بلد أهله على غير طاعتي تفتتحه، فسار في ستّين ألفا فقتل من قتل من التوابين بعين الوردة، وقتل بالخازر، وأقبل عبد الملك يريد زفر بن الحارث، ثم العراق، فخلعه عمرو بن سعيد، فعاد إلى دمشق، ثم أتى قرقيسياء بعد قتله عمرو بن سعيد، فوضع المجانيق على قرقيسياء، فأمر زفر أن ينادى أهل عسكر عبد الملك، فيقال لهم: لم وضعتم المجانيق علينا؟ ففعلوا فقالوا: لنثلم ثلمة نقاتلكم عليها، فقال زفر: قولوا لهم إنّا لا نقاتلكم من وراء الحيطان والأبواب، ولكنّا نخرج إليكم، قالوا: وثلمت المجانيق من المدينة برجا ممّا يلي حسّان بن مالك بن بحدل، وحميد بن حريث بن بحدل، فقال زفر أو غيره:
لقد تركتني منجنيق ابن بحدل … أحيد عن العصفور حين يطير