للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت كلب لعبد الملك: إنّا إذا لقينا زفر انهزمت القيسيّة فلا تشب جمعنا بأحد من قيس ففعل، فكتبت القيسية على نبلها ليس يقاتلكم غدا مضريّ، ورموا بنبلهم إلى المدينة، فلما أصبح زفر دعا الهذيل ابنه - وبه كان يكنى، ويقال أنّه كان يكنى أبا الكوثر والأوّل أثبت - فقال: اخرج إليهم فشدّ عليهم شدّة لا تنثني عنها حتى تضرب فسطاط عبد الملك، أسمعت يا بن اللخناء، والله لئن رجعت دون أن تطأ طنب فسطاطه لأضربنّ الذي فيه عيناك.

فخرج عبد الملك وتقدّمت اليمانية، فجمع الهذيل بن زفر خيله، ثم رماهم فصبروا قليلا، ثم انكشفوا وتبعهم الهذيل بخيله حتى وطئوا أطناب الفسطاط، وقطعوا بعضها، ثم كرّوا راجعين فقبّل زفر رأس ابنه الهذيل، وقال: يا بنيّ لا يزال عبد الملك يحبّك بعدها أبدا فقال الهذيل: والله لو شئت أن ادخل فسطاطه لفعلت فقال زفر:

ألا لا أبالي من أتاه حمامه … إذا ما المنايا عن هذيل تجلّت

تراه أمام الخيل أوّل فارس … ويضرب في أعجازها إن تولّت

حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو خيثمة قالا: حدثنا وهب بن جرير حدثنا محمد بن أبي عيينة قال: جعل بشر بن مروان يرسل إلى قيس أتقتلون أنفسكم مع رجل ليس منكم، وإنّما هو من كندة، فبلغ ذلك زفر بن الحارث فقال:

لعلك يا بشر بن مروان لائمي … على حين أبدت عن نواجذها الحرب

فتخبر قومي أنّني لست منهم … وتزعم أنّا معشر من بني وهب

أتجعل أجلافا عليها عباؤها … ككندة تمشي في المطارف والعصب