مرّار رئيسهم في اليوم الثالث، فعبأهم على راياتهم، وأمر كلّ بني أب أن يجعلوا نساءهم خلفهم، فلما أبصرهم عمير قال لأصحابه: يا معشر قيس إنّ تغلب حيّ كثير العدد، وقد اجتمعوا لقتالكم ونساؤهم معهم فأطيعوني وانصرفوا فإذا تفرّقوا شددنا عليهم حيّا حيّا، فقيل له القول الذي قيل له وفعل ما فعل حتى قتله جميل الزهيري، قال المشاعر:
أرقت بأثناء الفرات وشفّني … نوائح أبكاها قتيل ابن هوبر
ولم تظلمي إن نحت أمّ مغلّس … قتيل النصارى في نوائح حسّر
وقال بعض الشعراء ينكر قتل ابن هوبر عميرا:
وإنّ عميرا يوم لاقته تغلب … قتيل جميل لا قتيل ابن هوبر
قالوا: وكانت ابنة الحمارس تنشر شعرها وتحرّض الناس وهي تقول:
إيها بني تغلب إيها إيها … نحن بنو الحرب نشأنا فيها
واستحرّ القتل يومئذ ببني سليم وغنيّ خاصّة، وقد قتل من غيرهم من قيس بشر كثير.
وقال عمير في أوّل يوم لاقى بني تغلب فيه فصابروه فيما ذكر بعضهم:
وكنّا حسبنا كلّ بيضاء (١) … تمرة
ليالي لاقينا جذاما وحميرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه … ببعض أبت عيداننا أن تكسّرا
وإنّا لقينا من ربيعة معشرا … يقودون خيلا للمنيّة ضمّرا
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها … على أنّهم كانوا على الموت أصبرا
ويقال: أنّه لغيره والله أعلم.
(١) بهامش الأصل: سوداء.