صارت بالكحيل، لحقهم زفر بن الحارث في القيسيّة فاقتتلوا قتالا شديدا، وترّجل أصحاب زفر أجمعون وبقي زفر على بغل له فقتلوهم ليلتهم وبقروا بطون نساء منهم، وغرق في دجلة أكثر ممّن قتل بالسيف، وأتى فلّهم لبّى، فوجّه زفر إليهم الهذيل بن زفر فأوقع بهم إلاّ من عبر فنجا، وأسر زفر منهم مائتين فقتلهم صبرا، فقال زفر:
ألا يا عين جودي بانسكاب … وبكّي عاصما وابن الحباب
فان تك تغلب قتلت عميرا … ورهطا من غني في الحراب
فقد أفنى بني جشم بن بكر … ونمرهم فوارس من كلاب
قتلنا منهم مائتين صبرا … وما عدلوا عمير بن الحباب
فقتلانا نعدّهم كراما … وقتلاهم تعدّ مع الكلاب
وقال أيضا:
قتلنا من بني جشم جموعا … فما عدلت جموعهم عميرا
وقال ابن صفّار المحاربي:
ألم تر حربنا تركت حبيبا … محالفها المذلّة والصغار
وقد كانوا أولي عزّ فأضحوا … وليس بهم من الذلّ انتصار
حدثني عبّاس بن هشام الكلبي عن أبيه حدثنا ابن الجصّاص قال:
وقف عكرمة بن ربعي التيمي من ربيعة على أسماء بن خارجة الفزاري بالكوفة فقال:
قتلت بنو تغلب عمير بن الحباب، فقال أسماء: لا بأس إنّما قتل في ديار القوم مقبلا غير مدبر، ثم قال: