للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحلت إلى الحجّاج أطلب رفده … على ثقة بالله والرهن قد غلق

فأحفى سؤالي ثم أقبل ضاحكا … إليّ وأعطاني الوفاء من الورق

فلما أدّى الجحّاف ما ألزمه عبد الملك أظهر التوبة وأصحابه ومضى حاجّا، فذكروا أنّ محمد بن سوقة قال: مرّ بي الجحّاف وأنا في دكّاني في السوق فاشترى منّي خزا قسمه في أصحابه، وإذا هو وأصحابه قد زمّوا (١) انفسهم. قلت: ما هذا الذي أراك وأصحابك صنعتموه فقال: جعلنا ما ترى لنذكر خطيئتنا في قتل القوم الذين قتلناهم، ونحن نريد الحجّ فلعلّ الله يرحمنا ويتوب علينا، وقدم الجحّاف مكة وأصحابه معه فتعلق بأستار الكعبة فجعل ينادي اللهم أغفر لي وما أظنّ أن تفعل، فسمعه محمد بن الحنفيّة فقال: يا شيخ القنوط شرّ من الذنب، ثم سأل عنه فقيل: هذا الجحّاف.

وقال الأخطل:

لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة … إلى الله منها المشتكى والمعوّل

فإلاّ تغيرها قريش بملكها … يكن عن قريش مستماز ومرحل

فإن تحملوا عنهم فما من حمالة … وإن ثقلت إلاّ دم القوم أثقل (٢)

وزعموا أنّ عبد الملك قال له لما انشده:

يكن عن قريش مستماز ومرحل

قال: إلى أين ويلك؟ قال: إلى النار.


(١) أي شدوا أنوفهم. القاموس.
(٢) ديوان الأخطل ص ٢٣٠ - ٢٣١.