للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك، فأنا أرى أن تأخذ وجوه أهل المصرين فتشدّهم بالحديد، فقال له:

يا أبا النعمان أتأخذ الناس بالظنة؟ قال: فاجمعهم في أبيض المدائن لئلا يشهدوا الحرب معك، قال: إذا أفسد قلوب عشائرهم، قال: فابعث بهم إلى أخيك بمكّة، فقال: ليس هذا برأي، قال: فإن لقيت العدوّ فلا تمدّني بأحد منهم وأتّهمهم.

قالوا: وبكت عاتكة بنت يزيد بن معاوية حين أراد عبد الملك المسير نحو العراق، وبكى جواريها فقال، كأنّ كثيّر عزّة كان يرى ما نحن فيه حين يقول:

إذا ما أراد الغزو لم تثن رأيه … حصان عليها نظم درّ يزينها

نهته فلمّا لم تر النهي عاقه … بكت فبكى ممّا شجاها قطينها (١)

فسار عبد الملك حتى نزل الأحيونيّة وهي بين مسكن وتكريت، ونزل مصعب دير الجاثليق وهو بمسكن، وبين العسكرين ثلاثة فراسخ، ويقال:

فرسخان، وخندق مصعب خندقا على عسكره وعسكره اليوم يعرف بخربة مصعب، وقال مصعب: رحم الله أبا بحر - يعني الأحنف بن قيس - لقد كان يقول لي: لا تلق بأهل العراق عدوّا فإنّهم كالمومسة تريد كلّ يوم بعلا، وهم يريدون كلّ يوم أميرا.

وكان عكرمة بن ربعي أحد بني تيم الله بن ثعلبة، وحوشب بن يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني يتباريان في إطعام الطعام فقال مصعب: دعوهما فلينفقا من خيانتهما وفجورهما.


(١) ديوان كثير - ط. بيروت ص ٢٣١.