للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسجد عبد الملك، فكان ابن ظبيان يقول: لقد هممت أن أضرب رأس عبد الملك وهو ساجد، فأكون قد قتلت ملكي العرب وأرحت الناس منهما، وقال عبد الملك لقد هممت أن أقتل ابن ظبيان فأكون قد قتلت أفتك الناس بأشجع الناس.

وقال الهيثم بن عديّ: كتب عبد الملك إلى إبراهيم بن الأشتر، وهو مع مصعب، كتابا فأتى به المصعب قبل أن يقرأه، فلما قرأه قال له: يا أبا النعمان أتدري ما فيه؟ قال: لا، قال يعرض عليك ما سقت دجلة أو ما سقى الفرات، فإن أبيت جمعهما لك، وإنّ هذا لما يرغب فيه، فقال إبراهيم: ما كنت لأتقلّد الغدر والخيانة، وما عبد الملك من أحد بأيأس منه منّي، وما ترك أحدا ممّن معك إلاّ وقد كتب إليه، فابعث إليهم فاضرب أعناقهم، وإلاّ فأوقرهم حديدا، ثم ألقهم في أبيض كسرى ووكّل بهم حفظة، فإن ظفرت عفوت عنهم أو عاقبت، فقال: يا أبا النعمان إني أخاف في هذا القالة، ووالله لو لم أجد إلاّ النمل لقاتلت به أهل الشام.

قال: فلما اصطفّ الناس مال عتّاب بن ورقاء فذهب، وكان على خيل أهل الكوفة، وجعل ابراهيم يقول لرجل رجل: تقدّم فيأبون عليه، فيتقدّم هو فيقاتل فلم يزل يفعل ذلك حتى قتل، ثم تقدم مصعب فخذله الناس، فقال الحجّار بن أبجر: تقدّم يا أبا أسيد إلى هؤلاء الأنتان، قال:

ما تتأخّر إليه أنتن، ثم قال للغضبان بن القبعثرى: تقدّم يا أبا السمط، فقال ما أرى ذاك، فالتفت إلى قطن بن عبد الله الحارثي، وهو على مذحج، وأسد فقال: تقدّم فقال: أسفك دماء مذحج في غير شيء، فقال: أفّ لكم، ثم أقبل في عدّة، فلما برز قال زياد بن عمرو العتكي