الطائف، فكان يبعث البعوث إلى عرفة، ويبعث ابن الزبير إليه أصحابه فيقتتلون هناك وكلّ ذلك تهزم خيل ابن الزبير، وترجع خيل الحجّاج إلى الطائف.
وقال عوانة بن الحكم: دخل عبد الملك بن مروان الكوفة حين قتل مصعبا فأقام بها أيّاما، ثم وجّه جيشا إلى ابن الزبير، وهو بمكة واستعمل عليه الحجاج بن يوسف الثقفي، فأقبل عليه الهيثم بن الأسود النخعي فقال له: يا أمير المؤمنين أوص هذا الغلام الثقفي بالكعبة، ومره أن لا ينفّر أطيارها، ولا يهتك أستارها، ولا يرمي أحجارها، وأن يأخذ على ابن الزبير بشعابها وفجاجها وأنفاقها، حتى يموت فيها جوعا أو يخرج عنها مخلوعا، فقال عبد الملك للحجاج: افعل ذلك واجتنب الحرم وانزل الطائف.
فسار الحجاج حتى نزل الطائف، ثم إنّه كتب إلى عبد الملك إنّك متى تدع ابن الزبير وتكفّ عنه ولا تأمر بزحمه ومصادمته يكثر عدده وعدده وسلاحه فأذن لي في قتاله ومناجزته فكتب إليه: افعل ما ترى، فأمر أصحابه أن يتجهّزوا للحجّ، ثم أقبل من الطائف، وقدّم مقدّمته، فنصبوا المنجنيق على أبي قبيس، فلما هبطوا إلى منى رأى من في عسكر الحجاج المنجنيق منصوبة فقال الأقيبل بن شهاب الكلبي، وهو ينسب في القين بن جسر، فيقال القيني:
لعمر أبي الحجّاج لو خفت ما أرى … من الأمر ما ألفيت تعذلني نفسي
فلم أر جيشا غرّ بالحجّ قبلنا … ولم أر جيشا مثلنا غير ما خرس