قالوا: وشرب ابن الزبير الصبر أياما، ثم المسك مخافة أن يصلب فيشمّ نتنه وقال طارق، ورأى ابن الزبير: ما ولدت النساء أذكر من هذا، فقال الحجاج اتقرظ مخالفا لأمير المؤمنين وطاعته؟ قال: ذلك أعذر لنا في محاصرته سبعة أشهر ونصفا، أو قال: ستة أشهر ونصفا، وهو في غير حصن ولا منعة، فبلغ ذلك عبد الملك ذلك فصوب طارقا.
وقال الواقدي: حصر ابن الزبير في غرّة ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين، وقتل يوم الثلاثاء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وكان الحصار ستّة أشهر وسبع عشرة ليلة، وحجّ الحجّاج بالناس في سنة ثلاث وسبعين حجّا تامّا، وقتل ابن الزبير وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: رمى عبد الله بن الزبير رجل من السكون بآجرّة فأثبته فوقع، وتولّى قتله رجل من مراد وحمل رأسه إلى الحجاج، فسجد الحجاج وأوفد السكوني والمراديّ إلى عبد الملك فأعطى كلّ واحد منهما خمسمائة دينار، وفرض لكلّ واحد منهما في مائتي دينار، ونصب عبد الملك رأس ابن الزبير، وأمر فبعث به إلى النواحي.
وحدثني محمد بن سعد عن محمد بن عمر الواقدي عن خالد بن إلياس عن أبي سلمة الحضرمي قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر يوم الثلاثاء، وبين يديها كفن قد أعدّته ونشرته ودخّنته، وأمرت جواري لها أن يقمن على أبواب المسجد فإذا قتل عبد الله صحن، فلما قتل سمعت صياحهنّ فأرسلت لتحمله، فوجدت الحجاج قد حزّ رأسه فبعث به إلى عبد الملك وصلبه منكّسا، وإذا هي تقول: قاتل الله المبير يحول بيني وبين جثّته أن أواريها.