للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له» وكتب إليه: «يا بن معمر ما أنصفتني، تجبي الفيء وتحيد عن العدو، فاكفني أمرهم»، فأقبل عمر من فارس، وخرج مصعب من البصرة ومعه المهلب يريدان جميعا الزبير وأصحابه، فبلغهم ذلك، وانحازوا إلى السوس ثم أتوا الكلتانية وخرجوا إلى كسكر، وأتوا المدائن وعليها كردم بن مزيد الفزاري، فتحصن في القصر فأتوا ساباط فقتلوا أحمر طيّئ، وكان من فرسان عبيد الله بن الحر فقال الشاعر:

تركتم فتي الفتيان أحمر طيّئ … بساباط لم يعطف عليه خليل

فلو كنت من خلانه لحميته … ولكن خلان الصفاء قليل

وقتل يومئذ كاتب الزبير بن علي ومولاه، وبسط الخوارج في القتل، فقتلوا النساء، والصبيان، والأطفال، وقتلوا أم ولد ربيعة بن ناجذ الأزدي وغيرها، وقالت لهم أم ولد ربيعة: أتقتلون ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ (١) فقال لهم رجل منهم: استحيوها، فقالوا: لقد أعجبتك وفتنتك، فأمسك. وسرحوا صالح بن مخراق إلى بكر بن مخنف، وكان عامل مصعب على إستان العال وهو بادوريا والأنبار، وقطربل ومسكن، فلقوه بكرخ بغداد فقتلوه، فقال سراقة يرثيه:

ألا يا لقوم للهموم الطوارق … وللحدث الجاري بإحدى البوائق

لحى الله قوما عردوا عنك بكرة … ولم يصبروا للاّمعات البوارق

تولوا فأجلوا بالضحى عن عميدهم … وسيدهم بالمأزق المتضايق


(١) سورة الزخرف - الآية:١٨.