للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه نجدة رجلا من عكل يقال له ذواد إلى الخطّ (١) فطفر بهم، فقال سويد بن كراع العكلي:

صبحت الخط بنا صباحا … تحمل من عكل فتى وضاحا

مهرية ترى بها مراحا

وأقام نجدة بالبحرين، فلما قدم مصعب بن الزبير البصرة سنة تسع وستين، بعث إليه عبد الله بن عمير الليثي الأعور في أربعة عشر ألفا، ويقال في عشرين ألفا، ويقال إنّ حمزة بن عبد الله بن الزبير الموجه له حين ولي البصرة، فجعل ابن عمير يقول: اثبت يا أبا المطرح فإنا لا نفر، فقدم ونجدة بالقطيف فنزل على ميل من عسكره، وصير البحر خلفه، والأثقال أمامه، وأناخ الإبل أمام الأثقال، وقال لآخذنّ نجدة أخذا، وحضّ نجدة أصحابه، فرغبهم في الشهادة والجنة، وزهدهم في الدنيا، واعتزل قوم من أصحابه منهم ذوّاد العكلي فلم ينهض معه، فقال نجدة: إن إخوانكم هؤلاء أحبوا البقاء وثبت نجدة فيمن بقي معه وأتى ابن عمير في عسكره وهو غار فقاتلهم طويلا، وأصبح ابن عمير فهاله أمر من رأى في عسكره من القتلى والقطعي والجرحى، وتشاغل ومن في عسكره بموتاهم وجرحاهم، فأتاهم نجدة فحمل عليهم فلم يلبثوا أن انهزموا فلم يلو أحد منهم على أحد، وحوى نجدة العسكر، وأصاب جواري لابن عمير وفيهن أمّ ولد له، فعرض نجدة عليها أن يردها عليه، فقالت: لا حاجة لي فيمن فرّ عني، وورد ابن عمير البصرة فارا، فقال الفرزدق:


(١) الخط - كما يبدو - خط عبد القيس بالبحرين، وهو كثير النخل. معجم البلدان.