«بسم الله الرحمن الرحيم يا بني أمية إنّه لمّا قرب مني ما كان بعيدا، وخفت أن يسبق الموت إليّ، ويسبقكم بي سبقته إليكم بالموعظة، لأبلغ عذرا، وإن لم أردّ قدرا، إن الذي أخلفه لكم من دنياي أمر تشاركون فيه، أو تقبلون عليه، وإن الذي أخلف لكم من رأيي مقصور عليكم نفعه إن فعلتموه، مخوف عليكم ضرره إن ضيعتموه فاجعلوا مكافأتي قبول نصيحتي، وإن قريشا شاركتكم في أنسابكم وتفردتم دونها بأفعالكم، فقدمكم ما تقدمتم فيه إذ أخر غيركم ما تأخروا له، ولقد جهر لي فعلمت، ونعم لي ففهمت حتى كأني أنظر إلى أولادكم بعدكم كنظري إلى آبائهم قبلهم، إنّ دولتكم ستطول وكلّ طويل مملول، وكل مملول مخذول، فإذا انقضت مدتكم كان أول ذلك اختلافكم بينكم، واتفاق المختلفين عليكم، فيدبر الأمر بضد ما أقبل به، فلست أذكر عظيما ينال منكم ولا حرمة تنتهك لكم إلا وما أكف عن ذكره أعظم منه، فلا معول عليه عند ذلك أفضل من الصبر واحتساب الأجر، فيا لها دولة أنست أهلها الدول في الدنيا، والعقوبة في الآخرة، فيمادكم القوم دولتكم تماد العنانين في عنق الجواد، فإذا بلغ الله بالأمر مداه، وجاء الوقت الذي حده رسول الله ﷺ، ضعفت الحيلة، وعزب الرأي وصارت الأمور إلى مصائرها فأوصيكم عندها بتقوى الله ﷿ الذي يجعل لكم العاقبة إن كنتم متقين».
حدثني هشام بن عمار عن الوليد عن روح بن جناح عن الزهري أن عبد الملك رأى عند بعض ولده حديث المغازي، فأمر به فأحرق، وقال: