المدائني وغيره أنّ عبد الملك قال لأسماء بن خارجة الفزاري: بلغني عنك خصال كريمة، فأخبرني بها، فقال وصفها من غيري أحسن، فقال:
لتقولنّ، قال: أما إذ أبيت يا أمير المؤمنين إلا أن أخبرك فإني لم أمدّ رجلي بين يدي جليس لي قط كراهة أن يظنّ أني أرى أنّ لي عليه طولا، ولا دعوت رجلا قطّ إلى طعام فأجابني إلا لم أزل أعرف له الفضل عليّ ولا سألني رجل حاجة قطّ فرأيت أنّ شيئا من الدنيا عوض من بذل وجهه إليّ فيها واختياره إيّاي لها، فقال عبد الملك: يحقّ لك أن تكون سيدا.
وقال الوليد: يا أمير المؤمنين بلغني أنّه أتاه الأخطل في ناس من قومه يسألونه دية، فلقيهم ببشر وطلاقة، وأمر لهم بثلاث بدر فقال: بدرة لممشاكم، وبدرة لإيثاركم إيّاي علي غيري، وبدرة لصاحبكم، ثم قال لابنيه: مرا للقوم من مالكما بما أحببتما فأمرا لهم بعشرين ألف درهم فقال الأخطل:
إذا مات ابن خارجة بن حصن … فلا مطرت على الأرض السماء
ولا رجع البشير بغنم جيش … ولا حملت على الطهر النساء
فيوم منك خير من رجال … كثير حولهم نعم وشاء
فبورك في بنيك وفي أبيهم … إذا ذكروا ونحن لك الفداء (١)
فأعجب عبد الملك حديث الوليد له، وروايته ما روى من شعر الأخطل وقال له: معرفتك بفضل أهل الفضل فضيلة يا بني.