للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منازل فإن المعروف شيء يبقى آخره وذخره وذكره، وضعوا معروفكم عند ذوي الأحساب، فإنهم أصون له، وأشكر لما يؤتى إليهم منه، وتغمدوا ذنوب أهل الذنوب، فإن استقالوا فأقيلوا، وإن عادوا فانتقموا.

المدائني عن أبي إسحق الزيادي قال: قال بعض أطباء عبد الملك:

إن شرب الماء مات، فاشتد عطشه فقال: يا وليد اسقني قال: لا أعين عليك، فقال: يا فاطمة اسقيني، فقامت لتسقيه فمنعها الوليد فقال له عبد الملك لتدعنها أو لأخلعنك، فقال: لم يبق بعد هذا شيء فسقته فخمد.

المدائني قال: جعل عبد الملك يقول حين احتضر (١)

إن بني صبية صيفيون … أفلح من كان له ربعيون

إن بني صبية صغار … أفلح من كان له كبار

فقال عمر بن عبد العزيز وهو عنده: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾ (٢) قالوا: ودخل الوليد على عبد الملك وعند رأسه فاطمة ابنته وهي تبكي، فقال: كيف أمير المؤمنين؟ قالوا: هو صالح، فلما خرج قال عبد الملك:

ومستخبر عنا يريد أخا الردى … ومستخبرات والدموع سواجم

قالوا: وكان عبد الملك يقول: أخاف الموت في شهر رمضان، فيه ولدت، وفيه فطمت، وفيه جمعت القرآن، وفيه بايع لي الناس، فمات


(١) تحكى هذه القصة عن سليمان بن عبد الملك وقت إحتضاره.
(٢) سورة الأعلى - الآيتان:١٤ - ١٥.