للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وبعث عبد الملك عبد الرحمن بن مسعود الفزاري إلى الحجاج، وأهل العراق لينظر في مظالمهم، وما يشكون من الحجاج، وأمر بإطلاق كراز وقد كان قد كلم فيه، فبلغ الحجاج ذلك فعجل على كراز وراشد بن عوف، ومسلم مولى مالك بن مسمع فقطع أيديهم وأرجلهم، فدخل ابن مسعود ودماؤهم تشخب، ولما قدم ابن مسعود على الحجاج صعد الحجاج المنبر، وصعد ابن مسعود درجتين أو ثلاثا، ثم قال: ألا من كان يطلب الحجاج بمظلمة فليقم، فقال الحجاج: مه، فقال: لا والله ما من مه، ثم قال: يا أهل العراق جمع الله لكم خير الدنيا والآخرة فإياكم والشقاق والفتنة، إني قد تركت ورائي خيلا من حديد وقوما لهم دين وليست لهم دنيا، فإياكم أن تجمعوا دنياكم إلى دينهم، ثم إنه انصرف إلى عبد الملك فأخبره بسوء سيرة الحجاج وظلمه وعذابه الناس، فبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى عبد الملك: «إن ابن مسعود امرؤ ظنين علي، قد بلغني أنه أساء علي الثناء، وإن شيعة ابن الزبير لن تحبني أبدا، وهو من شرارها وفجارها، وليس مثله قرّب ولا صدق، والسلام»، فكتب إليه عبد الملك: «أما بعد فقد بلغني كتابك في ابن مسعود، وليس مثله اتهم، ولا ظن به ظن السوء، والسلام».

وكان ابن مسعود صديقا لحضين بن المنذر، فلقيه فسلم عليه فقال الحضين: ومن أنت عافاك الله؟ فأعلم الحجاج ذلك، فقال الحجاج:

يا حضين أتعرف هذا، قال: لا، قال: كذبت ولكنك خفت أن يبلغني أنك سلمت عليه فأظن بك أنك تبلغه الأخبار قال: صدق الأمير وبرّ، قال:

فلا تخف، فسلم عليه حضين وكلمه.