بأهل الزاوية حين فاء الفيء يوم الأحد، وأقبل إلى البصرة فقاتله الناس قتالا شديدا على أفواه السكك، فقال الحجاج: دعوهم فإنهم منهزمون والآن يتفرقون، وانصرف عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، واستخلف عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وقال له: قاتل بالناس فإن عندهم قتالا شديدا، ولهم نشاط، فإني منصرف إلى الكوفة وممدك بالرجال ووثب أهل البصرة إلى عبد الرحمن بن العباس فبايعوه على الصبر، فقاتل بهم الحجاج، ثم انصرف وكانت تلك الفعلة من ابن الأشعث هزيمة، وكان يقول: إنما انصرفت وفي الناس فضل، وعندهم قتال لأنه بلغني أن مطر بن ناجية الرياحي وثب بالكوفة، فغاظني أن أكون فتحت بابا دخل مطر منه، وأن يكون إنما قدر على الوثوب بي فيكون له صوت معي، فأريد أن ألحقه فأحول بينه وبين إرادته، فأقبل عبد الرحمن نحو الكوفة في ألف من أهلها، وقاتل ابن العباس آخر يوم الأحد، ويوم الاثنين، ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وليلة الخميس وهي ليلة الهرير، وصبر أهل البصرة على قتال الحجاج على أفواه السكك، وفقد ابن الأشعث فأمر الحجاج فرفعت راية أمان وناداهم أصحاب الحجاج بأمره: ثكلتكم أمهاتكم علام تقاتلون وقد ترك صاحبكم القتال ومضى، فدخلوا في الأمان وتفرقوا، وخرج ابن العباس ومن معه من أهل الكوفة والأقوياء من أهل البصرة حتى لحق بابن الأشعث، وجاء الحجاج حتى دخل البصرة، فنادى مناديه: يا أهل الشام لا تنزلوا البصرة، ونزل هو دار المهلب فرأى عندها جماعة نسوة، فقال: إن هؤلاء النسوة لجأن إليّ وخشين أن يدخل عليهن، فليرجعن فنحن أغير عليهن من أزواجهن وقال حميد الأرقط في ابن عبد