للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصابة بعد العصابة تأتيه فقد كثرت تابعته، واستفحل أمره، واشتدت شوكته، فكتب إليه الحجاج: إذا أتاك كتابي فاخرج بمن معك، ومن بعثت به إليك من الموالي، فعسكر حتى يصير إليك عدي بن وتاد الايادي من الري فقد كتبت إليه أن ينهض إليك ثلاثة أرباع أهل الري، فإذا صار إلى ما قبلك كان أمير الجيش كله فسمعت له وأطعت.

فوافاه عدي فيمن نهض معه، واجتمعا على قتال مطرف، والأمير:

عديّ بن وتاد ومعه عمرو بن هبيرة الفزاري على إحدى مجنبتيه، وهو في حدّ دستبى. فلما تدانوا وعظهم مطرف ودعاهم إلى مجاهدة الظلمة، ثم أمر بعض أصحابه فنادى: يا أهل قبلتنا أسألكم بالله الذي لا إله غيره لمّا انصفتمونا وصدقتمونا فإن الله شهيد على نيّاتكم أخبرونا عن عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف، ألا تعلمونهما جبارين يتبعان الهوى ويزيغان عن الحق ويأخذان بالظنّة ويقتلان على الغضب؟. فقالوا من كل جانب:

كذبت يا عدو الله، فقال مطرف: قل لهم: ﴿وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى﴾ (١) قد استشهدتكم فكتمتم الشهادة، وقال الله ﷿: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ (٢).

وكان الرجل بكير بن هارون البجلي، فخرج إليه صارم مولى عدي بن وتّاد فقتله بكير وجعل يقول:

صارم قد لاقيت سيفي صارما … غير كهام يختلي الجماجما


(١) سورة طه - الآية:٦١.
(٢) سورة البقرة - الآية:٢٨٣.