للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأتى قطري فارس وعليها عمر بن عبيد الله بن معمر فاقتتلا، ثم صار قطري والخوارج إلى رام هرمز وكان المهلب بن أبي صفرة بالبصرة، وقد أراد المصعب بن الزبير المصير إلى باجميرى (١) للقاء عبد الملك فسأله المهلب أن يكون معه أو بقربه فأبى وقال: ان أهل مصرك محتاجون أن تدفع عنهم هذا العدو المطل عليهم فأنا أؤثرهم بك لأني خائف أن تسبيهم الحرورية فسار المهلب لقتال الخوارج فلما بلغ ذلك قطريا صار إلى كرمان فقال بعض أصحاب قطري:

هربنا نريد الخفض من غير علة … وللحرب ناب لا يفل ومخلب

فقولا لأصحاب القرآن نصيحة … دعو الظن إن الظن بالناس يكذب

عسى أن تقولوا أن فينا منافقا … يعيب أمير المؤمنين ويقصب

فلا والذي أرسى ثبيرا مكانه … ورضوى بأكناف الحجاز وكبكب

لقد قلت هذا غير طالب عيبه … وفي عيبه لو عبت جذع موعب (٢)

فلما بلغ قطريا الشعر رجع إلى رامهرمز، فسار إليه المهلب فقاتله ثلاثة أشهر أو أكثر، وقتل مصعب بن الزبير فبلغ خبر قتله قطريا قبل أن يبلغ المهلب، فناداهم الخوارج: ما تقولون في مصعب؟ قالوا: إمام هدى.

قالوا: فما تقولون في عبد الملك؟ قالوا: ضالّ مضلّ. فمكثوا يومين أو ثلاثة ثم أتى المهلب قتل مصعب واجتماع الناس على عبد الملك، وورد على المهلب كتاب عبد الملك بتوليته قتال الخوارج فضجوا في عسكره، وأقبل


(١) باجميرى: موضع دون تكريت. معجم البلدان.
(٢) أوعب: جمع والجذع استأصله، والشيء في الشيء أدخله فيه كله. القاموس.