للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الله : ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ﴾ (١). فبئست الدار لمن أقام فيها، فاعملوا وأنتم تعلمون أنكم تاركوها لأبد، فإنما هي كما وصفها الله عزّ اسمه باللعب واللهو، وقد قال: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ﴾ (٢). وقد ﴿قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً﴾ (٣) ثم حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا فلا يتركون ضيفانا. وجعل لهم من الضريح أجنانا ومن التراب أكفانا. ومن الرفات جيرانا. وهم جيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما. إن أخصبوا لم يفرحوا وإن قحطوا لم يقنطوا جميع وهم آحاد، جيرة وهم أبعاد متناؤون لا يتزاورون.

حلماء قد ذهبت أضغانهم. وجهلاء قد ماتت أحقادهم. لا يخشى فجعهم ولا يرجى دفعهم. وكما قال الله عزّ اسمه: ﴿فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاّ قَلِيلاً وَكُنّا نَحْنُ الْوارِثِينَ﴾ (٤) استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا، وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة، فجاؤوها كما فارقوها حفاة عراة فرادى غير أن ظعنوا بأعمالهم إلى الحياة الدائمة وإلى خلود الأبد. يقول الله ﷿: ﴿كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ (٥)


(١) سورة هود - الآية:١٥.
(٢) سورة الشعراء - الآيات:١٢٨ - ١٣٠.
(٣) سورة فصلت - الآية:١٥.
(٤) سورة القصص - الآية:٥٨.
(٥) سورة الأنبياء - الآية:١٠٤.