وعثر بقطري فرسه فاندقت فخذه ووقع بين صخرتين، وانتهى إليه باذام مولى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فقال باذام: الساقط بين الصخرتين والله قطري. فقال قطري: يا فاسق أنا غزيلكم، أو قال:
أرينبكم الذي تطلبون، فاختلف وباذام ضربتين فكانت ضربه قطري ضعيفة. وضربه باذام فأبان يده ثم احتز رأسه، وادعى سورة بن الحر التيمي أنه قتله معه.
وقال المدائني: انهزم قطري فإذا هو قد دفع إلى غيضة، فنزل عن فرسه فقاده حتى انتهى إلى موضع فيه ماء فأقام عنده وذلك في الصبح.
وأقبل سورة بن الحر، وباذام مولى الأشعث بن قيس وشنظيز الثعلبي أحد بني ثعلبة بن يربوع يطلبون قطريا فأخبروا بأن رجلا دخل الغيضة فطلبوه فيها فوجدوه قائما يصلي وقد نزف دمه وضعف. فقال لهم: أنا غزيلكم الذي تطلبون، فقال سورة لباذام إن شئت أتيته أنا من بين يديه وأتيته أنت من خلفه، وإن شئت فأنا آتيه من خلفه وأنت من بين يديه. فتلقاه سورة من بين يديه وأتاه باذام من خلفه فقتلاه واحتزا رأسه فاختصما فيه، ووافاهم أبو الجهم الكلبي فأخذ الرأس وأتى به سفيان فبعث به إلى الحجاج.
ويقال إن سورة كان يقول: رأيت قطريا وهو على فرس وخلفه امرأة على بغل فاتبعته أنا وباذام ونحن لا نعرفه فحملت على المرأة فلما غشيتها نادت: يا أمير المؤمنين. فعطف علي وشددت عليه فعانقته فسقطنا إلى الأرض فصار تحتي، وندر سيفه من يده فزحف يريد السيف وصارت إبهامه في يدي فرضضتها حتى فتر، وجاء باذام فضرب بالسيف بطنه واقتتلت أنا وباذام على رأسه.