وخرج إليه عمر بن عبيد الله بنفسه فوقف له الخارجي فلما دنا منه وحّش بالرمح ثم ضربه بالعمود على رأسه فصرعه ونزل إليه فأجهز عليه.
ورجع عمر إلى أصحابه فقال: ما يئست من الحياة قط إلا يومي هذا فدفع الله، رأيت الحنفيين جميعا قد أحسنا القتال وطعناه فلم يصنعا شيئا فعلمت أن على جسده شيئا يقيه الطعن فقلت لا يقتله إلا العمود، فلما قتله نظرت فإذا عليه سنون (١).
فلما كان اليوم الرابع من مقام عمر قال أبو ماعز الحارثي: لو خرج منا إلى هؤلاء القوم فوارس فذاقوهم، فخرج أبو ماعز في ثلاثمائة فارس حتى أتى خندق أبي فديك فأشرفوا عليهم فخرج اليهم فوارس من الخوارج فاستطرد لهم أبو ماعز وأصحابه حتى إذا انقطعوا عطفوا عليهم فصرعوا من الخوارج أربعة أو خمسة.
وبلغ ذلك عمر فأقبل في الناس وقد تحاجزوا وانصرف الخوارج فلام عمر أبا ما عز وقال: كدتم تفضحونا، لو قتل منكم رجل واحد لهد العسكر، فقال مجّاعة بن عبد الرحمن العتكي: قد وقى الله ما حذرت.
ورجع عمر إلى عسكره فلما كان الغد نهض عمر للقتال وصف الناس وقدم الرجالة، وخرج الخوارج من عسكرهم فركزوا رماحهم واستتروا بالبراذع فقال أهل البصرة للرجالة: حركوهم. فقال عباد: إن خلف هذه البراذع أذرعا شدادا وأسيافا حدادا وأنفسا سخية بالموت، وهم شادون عليكم شدة لا يقوم لها شيء، فإن كانت فيكم جولة فليكن انصرافكم على
(١) لم أقف على معنى محدد لهذه الكلمة في المعاجم، مع أن المقصود منها واضح هنا.