حتى تركن أخا الضّلال مسهّدا … متمنّعا بحوائط ورتاج
ولعمر أمّ العبد لو أدركنه … لسقينه صرفا بغير مزاج
ولقد تخطّأت المنايا حوشبا … فنجا إلى أجل وليس بناج (١)
قال أبو عبيدة: وجّه عبد الملك بن مروان محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله أميرا على سجستان، فمر بالكوفة فقال له الحجاج: إن هذا المارق قد أفسد البلاد وأخاف السّبل وهو بالأهواز، فقاتله لعل الله يظفرك به فيكون أجر ذلك وذخره لك، ثم تسير إلى عملك.
فمضى محمد إلى الأهواز وسار إلى شبيب فقال له شبيب: لا يغرّنك هذا العبد من نفسك، فامض لشأنك وما بعثت له، فأبى إلا مباكرته بالقتال فقال شبيب: لا يدعه صلفه وعجبه حتى يحارب.
فأمر البطين بالخروج إليه فخرج، فقال له: قل لشبيب فليبارزني، فبرز له شبيب فتجاولا ساعة لا يقدر أحدهما على صاحبه، ثم إنّ محمدا غفل غفلة فضربه شبيب بعمود على بيضته فهشم رأسه في البيضة، وانهزم عسكر محمد، وأمر شبيب بالكفّ عنهم. فقال الفرزدق يرثي محمد بن موسى:
نام الخليّ وما أغمّض ساعة … أرقا وهاج الشوق لي أحزاني
فإذا ذكرتك يا بن موسى أسبلت … عيني بدمع دائم الهملان
ما كنت أبكي الهالكين لفقدهم … ولقد بكيت وعزّ ما أبكاني
لا حيّ بعدك يا بن موسى فيهم … يرجونه لنوائب الحدثان
أودى ابن موسى والمكارم والندى … والعزّ عند تحفظ السلطان