للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزيد حدّث أضيافه بما كان، فقال له جوّاز: توثّق لي منه ثم أعلمني. فراح إليه فتوثق له ثم أعلمه ذلك، فلما أصبح جوّاز اغتسل وتحنّط ولبس ثوبين أبيضين، وأدخله إلى عبد الملك فدعا بكتاب الحجاج فقال: اقرأه. فقال جوّاز: جعلك: مرّة ملكا، ومرة نبيا، ومرة خليفة، فإن كنت ملكا فخبّرنا متى نزلت، وإن كنت نبيا فأعلمنا متى نبّئت، وإن كنت خليفة فأعلمنا أعن ملأ من المسلمين استخلفت أم عن ابتزاز لأمورهم؟ وكان أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد حاضرا فقال: هو الله منهم.

فقال جواز: يا أمية لو كنت منهم عرفتني يوم أبي فديك حين هزمك.

فقال عبد الملك: قد أعطيناك عهدا وموثقا فلا سبيل لنا إلى قتلك، ولكنك والله لا تساكنّي في بلد، إلحق بحيث شئت. قال: فإني أختار مصر، فنزل مصر وأتى المغرب فأفسد أهله، وكان يرى رأي الصّفرية.

فلما مات عبد الملك كتب الحجاج إلى الوليد: «إنّ ذمة أمير المؤمنين عبد الملك قد وفت ولا أمان لعدوّ الله جوّاز الضبّي، فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث إليّ به»، وكانت بنو أمية لا تقتل خارجيا بالشام والجزيرة لئلا يتّخذ دار هجرة.

فكتب الوليد إلى قرّة بن شريك: أن ابعث إليّ بجواز الضبي فبعث به إليه، فلما دخل عليه قال: انطلقا به إلى الحجاج، فقال: إني في أمان أبيك وذمته. قال: لا بدّ من الحجاج، فقال: مثلك والله أخفر أباه، واستخفّ بذمته وأخفرها.