أخرى، وأمر أن يجزّ منها بعد قبضتين. ففعل وكأنه لم يجزّ شيئا، فاغتمت الأنصار لذلك، وبلغ الوليد اغتمامهم فاعتذر إليهم وقال: ما فعلت هذا استخفافا، وأجازه ووصله.
وكان قد أهدى إلى الوليد رطبا كثيرا، يقال إنه بأربعين ألف درهم، فقبله ثم رده عليه وقال: إن في لحيتك له موضعا فاقسم منه ما شئت في أصحابك.
قالوا: وأتى الوليد رجل من بني مخزوم يسأله في دية، فقال: نعم إن كنت مستحقا لذلك. قال: يا أمير المؤمنين وكيف لا أكون مستحقا لذلك مع قرابتي؟. قال: أقرأت القرآن؟. قال: لا. قال: ادن، فدنا منه فنزع عمامته بقضيب كان في يده وقرعه بالقضيب قرعات ثم قال لرجل:
ضمّ إليك هذا فلا يفارقك حتى يقرأ القرآن.
ثم قام إليه بعض ولد خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد فقال:
يا أمير المؤمنين إن عليّ دينا، فقال: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. فاستقرأه عشر آيات من الأنفال، وعشرا من براءة فقال: نعم نقضي دينكم، ونصل أرحامكم على هذا.
وحدثني هشام بن عمار عن الوليد قال: مر الوليد يوما بكتّاب فيه وصيفة فقال للمعلم: ما هذه؟ قال: أعلّمها الكتاب والقرآن. قال:
ويحك، ليكن الذي يعلّمها من الغلمان أصغر سنا منها.
المدائني قال: كان الوليد يمر بالبقال فيقف عليه فيتناول حزمة من البقل فيقول: بكم هذه؟ فيقال: بفلسين. فيقول: زد فيها فإنك تربح.