فعاتبه عون فغضب فشكاه إلى أبيه فلامه فقال: ضممتني إلى رجل إن أتيته حجب، وإن جلست عنه عتب، وإن عاتبته غضب.
حدثني أبو مسعود القتّات عن ابن الكلبي أن قوما وفدوا إلى سليمان فقال متكلمهم: إنا والله ما أتيناك رغبة ولا رهبة، أما الرغبة فدخلت علينا منازلنا، وأما الرهبة فآمنناها فضلك وعدلك، ولقد حبّبت إلينا الحياة، وهوّنت علينا الموت، لأنا نثق بإحسانك لأنفسنا، ونرجوك لمن تخلف بعدنا من أعقابنا، فأحسن صلتهم والنظر لهم.
قالوا: وكان سليمان أكولا يؤتى في كل يوم من صلاة الغداة بعشر رقاقات وخروفين عظميين، ودجاجتين سمينتين، فيأكل ذلك كله بخلّ فيه الجذان ومرى (١).
وقال الواقدي: غزا سليمان الصائفة مسلمة بن عبد الملك وعلى الصائقة أيوب ابنه فلما جاوزوا الدرب مات، ومات سليمان، وقد نفذ مسلمة، فأقفله عمر بن عبد العزيز.
المدائني قال: حج سليمان فقال لقيّمه على طعامه: أطعمني من خرفان المدينة، أو قال من جداء المدينة، ودخل الحمام ثم خرج وقد شوي له أربعة وثمانون خروفا أو جديا، فجعل القيّم يأتيه بواحد واحد فيتناول
(١) كذا بالأصول، ولعله أراد الجذاذ ومره، والجذاذ: السويق الجذيذ، والجذيذة: جشيشة تعمل من السويق الغليظ لأنها تجذ، أي تقطع قطعا وتجش، والمرة: بقلة تنفرش على الأرض لها ورق مثل ورق الهندبا أو أعرض، ولها نورة صفراء، وأرومة بيضاء، وتقلع فتغسل ثم تؤكل بالخل والخبز، وفيها عليقمة يسيرة، ولكنها مصحة. اللسان.