قال: وأتاه وهو بدابق رجل من النصارى كان منقطعا إليه من قبل الولاية فقال له: هل أهديت لي شيئا؟. قال: نعم أهديت تينا وبيضا، فأتاه بزبيل مملوء بيضا مطبوخا، وبزبيل مملوء تينا فجعل يقشر البيض ويأكل بيضة بتينة حتى أتى على الزبيلين، ثم أتوه بقصعة مملوءة مخا مخلوطا بسكر فأكل ذلك فأتخم ومرض فمات.
المدائني قال: كان حنظلة بن عقال أكولا فأكل عند سليمان وهو يرتجز:
أعددت للفم عظيم الفلق … تكاد أطراف الرغيف تلتقي
حدثني العمري عن الهيثم بن عدي عن الضحّاك بن زمل أن سليمان أتي بطبق عليه ثلاثمائة عيون البقر (١)، وهو الساهلوج، فأكل جميع ما في الطبق، ثم دعا بالغداء فأمعن كأنه لم يأكل شيئا.
وقال الضحاك بن زمل: قال سليمان حين نزل من عقبة أفيق: هل عندكم شيء؟ فأتي بست دجاجات وفرخين وعشرة أرغفة، في كل رغيف رطل فأكل وهو على بعير، إذا رجل يصيح: يا أمير المؤمنين إن عاملك على كذا ظلمني، وهو يقول: كذبت لا أم لك ويأكل، فلما فرغ فهم عنه، فأمر فكتب بإنصافه.
قال: وقال الضحاك: قال سليمان وذكر عنده تشقيق الخطب والإسهاب في الكلام: من أكثر القول فأحسن، قدر على أن يقلّ فيحسن، وليس من قصر فأحسن بقادر على أن يطيل فيحسن.
(١) عيون البقر: ضرب من العنب أسود كبير غير صادق الحلاوة، وعيون البقر بفلسطين يطلق على نوع من الاجاص، وهو المرجح هنا. معجم أسماء النباتات الواردة في تاج العروس.