للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم شخص عمر من المدينة فقدم الشام، فلما استخلف الوليد بن عبد الملك - وهو صهره، كانت أم البنين بنت عبد العزيز عنده، فولدت له عبد العزيز بن الوليد، ومروان بن الوليد، وعنبسة، ومحمدا - ولاه الوليد المدينة فأحسن السيرة، إلا أنه كان لبّاسا عطرا، وإنما تقشّف بعد ذلك، فكان يعمل له ثوب الخزّ بمائة دينار فيستخشنه، ثم إنه كان يؤتى بالثوب الخشن بأقل من دينار أو بدينار فيقول: ما أصنع بهذا ائتوني بأخشن منه وأقل ثمنا.

وكان ابن رمانة لمغاضبته إياه يرفع على عماله، ويقع فيهم حين عزل عن المدينة، فقال عمر: لو أشاء أن آخذ كتاب الوليد إلى عامل المدينة في ضرب ابن رمانة مائة سوط، وحلق رأسه ولحيته فعلت، ولكني رأيت متّقى الله منجى.

وفي ولاية عمر بن عبد العزيز يقول الأحوص بن محمد الأنصاري:

وأرى المدينة إذ وليت أمورها … أمن البريء بها وخاف المذنب (١)

وقال أيضا:

وأرى المدينة حين كنت أميرها … أمن البريء بها ونام الأعزل

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم … مذق اللسان يقول ما لا يفعل (٢)

الكلبي عن عوانة قال: أنشد رجل عمر:

أعوذ بربّ الناس من كل نعمة … تقرّ بها عيناي فيها اذاهما

فقال عمر: أعاذك الله ورحمك، ما أحسن ما قلت.


(١) ليس في ديوان الأحوص المنشور.
(٢) شعر الأحوص الأنصاري - ط. القاهرة ١٩٩٠ ص ٢١٤.