يدورون معه فاجتمعوا في موضع اتّعدوا للاجتماع فيه، وواعدوا من يقوم بأمرهم وخدمتهم أن يعدوا لهم خيلا من الخيل التي كانوا يظهرون أنهم يريدون بيعها وأداء قيمتها فيما ألزمهم الحجاج إياه، وكان الذي ألزمهم ستة آلاف ألف درهم فساروا ليلتهم حتى صاروا إلى زورق قد أعدّ لهم بجوخى الأهواز، وانتهوا إلى مفتح دجيل الأهواز فركبوا سفينة أعدت لهم أخرى، ثم خرجوا إلى البطيحة، وتوجهوا إلى موضع كان فيه مروان بن المهلب وقد أعدّ لهم نجائب فركبوها وساروا إلى الشام، ودليلهم رجل من كلب يقال له عمارة، واستخفى حبيب بن المهلب بالبصرة في بني راسب، وانغمس مروان وبقي أبو عبيدة في يد الحجاج وطلب القوم فلم يقدر عليهم.
وكان المتوجهون إلى الشام: يزيد، والمفضل، وعبد الملك، وقيل إن مروان كان معهم. وصار هؤلاء إلى فلسطين، وبها سليمان بن عبد الملك بن مروان، وكان واليا عليها من قبل أخيه الوليد بن عبد الملك بن مروان، وكان ولي العهد بعده، فكتبوا إلى رجاء بن حيوة الكندي بخبرهم، وشرحوا له أمرهم، وكان أثيرا عند سليمان جريئا عليه آنسا به، فقال له: إن يزيد بن المهلب قد أتاك مستجيرا بك، فامتعض من ذلك، فقال له رجاء بن حيوة: من ذا يرجوك وأنت ولي عهد وقد استجار بك مثله فلم تجره، ولم يزل به حتى أجاره، ودعا به وبأخويه فأمّنهم، وكتب إلى الوليد يعلمه ذلك، فكتب الوليد إليه فيه كتابا غليظا يعجّزه فيه في أمرهم ويقول: لهممت أن ألزمك ما يطالب به يزيد، وكان كتاب الحجاج قد سبق إليه بخبرهم.