حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن لوط بن يحيى وعوانة بن الحكم أنّ سليمان كتب إلى الوليد في أمر يزيد بن المهلب:«أما بعد يا أمير المؤمنين فقد كنت أظن أني لو أجرت عدوا منابذا لأجرته ولم تخفر ذمتي، فكيف وإنما أجرت سامعا مطيعا له شرف وسلف، ولأبيه بلاؤه وآثاره، وله نصيحته ومكانفته، وقد بعثت به إليك، وأنا أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من اجترار قطيعتي، وترك برّي وصلتي بإخفار ذمتي وحلّ عقدي، فوالله ما تدري ما بقاؤنا، ومتى يفرّق الموت بيننا، فإن رأى أمير المؤمنين أن لا يأتي علينا أجل الوفاة إلا وهو لي واصل، ولحقي راع، وعن مساءتي نازع، فليفعل وليصفح لي عن يزيد، وكل ما طالبه به الحجاج فإنه عليّ، فعل إن شاء الله، والسلام».
وقام يزيد حين دخل على الوليد فقال: يا أمير المؤمنين إنّ بلاءكم عندنا أهل البيت أحسن البلاء، فمن ينس ذلك فلسنا بناسيه، ومن يكفر فلسنا بكافريه، وقد كان من آثارنا في طاعتكم والطعن في أعين أعدائكم ما المنّة علينا فيه عظيمة. فقال له الوليد: إجلس يا يزيد إجلس، وأمّنه وكتب إلى الحجاج:«إني لم أصل إلى يزيد بن المهلب وإخوته مع أخي سليمان فاكفف عن آل المهلب جميعا، ولا أعلمنّ ما راجعتني فيهم». فكف الحجاج عنهم وخلّى سبيل أبي عيينة، وظهر مستخفوهم فلحقوا بالشام.
وحج المفضل وعبد الملك، فولى الوليد يزيد بن أبي كبشة السكسكي - وكان صديق الحجاج - حرب العراق، وأقر يزيد بن أبي مسلم على الخراج.