وذلك في أيام سليمان بن عبد الملك، فكان موسى يشتمه في طريقه ويزيد يقول له: يا دعيّ فقال له: يا بن المزونية، وأيّ دعيّ أبين دعوة منك، ألست مولى عثمان بن العاص الثقفي، أو لم يقل الشاعر:
نحن قطعنا من أبي صفرة … قلفة من قد خالف الفطرة
لمّا رأى عثمان غرموله (١) … أنحى له عثمان بالشّفرة
ألم يكن أبو صفرة مجوسيا اسمه … بسفروخ فقلتم أبو صفرة
وحدثني عمر بن شبّه، ثنا أبو عاصم النبيل قال: لما احتبس سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلّب عنده، ثم ولاه العراق، عزل خراسان عنه، فلم يولّه إياها، وولى خراسان قتيبة بن مسلم، وكتب عهده عليها وبعث به إليه، فلما خلع وقتل ولاها يزيد بن المهلب.
قالوا: ولما وافى يزيد بن المهلب عمر بن عبد العزيز قال له: هذا كتابك وهذا خاتمك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، كتبته استعطافا لسليمان عليّ، وعلمت أنه لا يأخذني مع رأيه فيّ بالمال. قال: فنحن آخذوك بإقرارك.
وولى عمر الجرّاح بن عبد الله خراسان، وحبس يزيد بن المهلب، فزعموا أنه مرض في محبسه فأمر عمر بقيوده ففكت عنه، وقدم بمخلد بن يزيد فأتي به عمر فلما دخل عليه وعليه كمّة لاطيّة، وقد شمر ثيابه، قال عمر: ما هذا الزيّ؟ قال: شمّرتم فشمّرنا، ثم قال: يا أمير المؤمنين ليسعنا ما وسع الناس من عدلك، ولا نكن أشقى هذه الأمة بك، فقال:
(١) الغرمول: الذكر، أو الضخم الرخو قبل أن تقطع غرلته.