للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سألوك: لمن هذه؟ فقل ليزيد، فإن قالوا: فأين هو؟ فقل هو ذا فإنهم إذا علموا بموضعي أحجموا، وإن هجموا عليّ استقلّوا من معي فلم يرجعوا.

ففعل الغلام ذلك وسألوه فأخبرهم: فأقاموا ولم يقدموا عليه، وجاءه وصيف بالمصلّى، والإبريق فتوضأ وما معه إلاّ برذون أدهم أبيض الأذنين، وعجلان وأبو فديك ومولى له آخر ومن على ثقله.

وقال المدائني: مرّ يزيد يحدث الرفاق، وهناك منزل الهذيل بن زفر، وكان يزيد خائفا من الهذيل، فلم يشعر إلا وقد دخل يزيد عليه، ثم دعا بلبن فشربه فاستحيا منه الهذيل وعرض عليه خيله وغيرها فلم يأخذ منه شيئا، ثم أتى الرصافة (١) وسار في البرّ حتى أتى القادسية، فوجّه عبد الحميد في طلبه فأعجزه حتى دخل البصرة.

المدائني عن بشر بن عيسى أن يزيد بن المهلب دخل البصرة ليلة البدر من شهر رمضان سنة إحدى ومائة، وعليه درع وهو معتمّ، فمرّ بالحرس الذين في الأزد ليلا وعليهم بدل بن نعيم من بني ثعلبة بن يربوع، وكان عدي بن أرطاة صيّره هناك في جماعة من بني تميم، فقالوا: من هذا؟ قالوا: الأمير أبو خالد، قالوا: قدمتم خير مقدم ادخلوا بسلام.

فأتى يزيد دار المهلب فاستفتح، فقالوا: حتى يأتي المنهال بن أبي عيينة، وكان عدي صيّر أمر الدار إليه ليعلمه قدوم يزيد، فبسط له في الرحبة فجلس، وجاء المنهال فقال: افتحوا للأمير، ففتحوا له الباب فلم يدخل، وبعثت اليه هند بنت المهلب بطعام فلم يأكله ولم يقبله، ثم دخل


(١) على مقربة من الرقة تبعد عنها قرابة الخمسة عشر ميلا.