للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر يزيد العرفاء أن يفرضوا للناس ففرضوا، وجعل يعطيهم قطع الفضة يقطعها لهم غلمان رجل من الصيارفة يقال له حريث، وأتى يزيد قوم من القرّاء والقصّاص، وأرسل يزيد إلى الأسواق فحوّلها أو أكثرها إلى الأزد، واشترى السلاح واعتزل فنزل مقبرة بني يشكر. وكانت اليمانية والربعية تختلف إليه، وكانت مضر تأتي عديا، وكان سبرة بن نخف بن أبي صفرة يختلف إلى عدي معتصما بالطاعة، فبعث إليه يزيد: يا أبا عمرو إنك تأتي هذا الرجل ولا آمن أن يغتالك بعض المضرية فيذهب دمك، فترك عديا ولزم بيته.

وكان البختريّ بن معن بن المغيرة بن أبي صفرة يرى الطاعة أيضا ويكره ما صنع يزيد فخرج الى الشام وأتى يزيد بن عبد الملك فقيل له: إنه عين ليزيد بن المهلب. فحبسه، فقال قصيدته التي يقول فيها:

فإن أكن مفردا بالشام مغتربا … دوني رتاج له قفل وإقليد

وأصبحت بعد قرب الدار نازحة … أمّ الخليل بأرض دونها البيد

وحدثني روح بن عبد المؤمن عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه أن عديا حبس من بني الملهب: حبيبا الحرون، ومروان، والمفضل، وعبد الملك، واستخفى محمد بن المهلب في الحدان، وتغيب بقية ولد المهلب في قبائل الأزد، فلم يقدر عدي عليهم، وكانوا امتنعوا من المصير إليه، فبعث إليهم من وجوه أهل المصر قوم ناشدهم وقالوا: لا تخافوا أميركم فقالوا: قد مات عمر بن عبد العزيز ولا ندري ما فعله بنا، فلم يزالوا بهم حتى أتوا عديا فلما أتوه حبسهم.