ولا كرامة. فقال لأبي عينية وعبد الملك: أجيراني. فقالا: نعم. وكانت الأصوات إذا خفيت دنا بنو المهلب إلى عدي كأنهم يتعوذون به، وإذا علت دنا عدي منهم متعوذا بهم.
وجاء عبد الله بن دينار مولى بني عامر وكان على حرس عدي منهزما، فدق الباب، وقال: افتحوا فقد أخزى الله ابن المهلب فلم يفتح له حتى أسر، ودعا عثمان بن المفضل بسلم فوضعه على بيت المال أو دار الديوان فصعد الناس ثم انحازوا وخرجوا إلى دار الإمارة فأخذوا عديا، وفتحوا الباب، وأرسل عثمان إلى يزيد رجلا أعلمه الخبر، فأقبل يزيد حتى وقف على باب الدار وأخرج إليه إخوته، فأمر باطلاق قيودهم فأطلقت، ولم يدخل الدار ليكون الأمر - زعم - شورى ونادى مناديه: الناس آمنون إلا عديا وموسى بن وجيه الحميري، فقتل موسى، قتله رجل عطار، وقام أخو جرير بن حازم واسمه مخلد فاعتنق ابن وجيه وقال: اقتلوني وموسى فأصابه السيف، فحمل وهو مثقل فمات بعد أيام.
ويقال إن شقران مولى العتيك شد على موسى فعانقه، وقال: اقتلوني وموسى. وارتثّ شقران فحمل إلى العتيك فعاش أياما ثم مات.
وأمر يزيد فحوّل إليه عدي بن أرطاة وابنه، وحاضر بن أبي حاضر الأسدي ويقال أبو حاضر نفسه، وابن السّمط بن شرحبيل بن السمط الكندي، وزياد بن الربيع الحارثي وغيرهم ممن أخذ من أصحاب عدي فقيدوا جميعا فقال له عدي: لا تغرنّك نفسك يا يزيد فقد رأيت جنود الله من أهل الشام وبلاءه عندهم فتدارك أمرك قبل أن يشخصوا إليك، واعلم أن بقائي أبقى لك، ولئن طلبت الإقالة فهو خير لك.