ثم إنه بعد ذلك سار مع مسلمة بن عبد الملك فحارب يزيد بن المهلب، فقال يزيد: ما أبعد شعر القطامي بن جمّال من فعله.
وحدثني عمر بن بكير عن الهيثم بن عدي عن عوانة قال: مرّ يزيد بن المهلب بفرقد السّبخي، ومع يزيد إخوته: عبد الملك، والمفضّل، وأبو عيينة، فوقف على فرقد وعليه جبة صوف وعلى عاتقه منجل، فقال له:
يا أبا يعقوب إن بني أمية ابتزوا الناس أمورهم فلو خرجت سارع الناس إليك، فقال: هيه، اذهب عنا. فقال إخوته: من هذا؟ قال: فرقد السبخي. فقال المفضل: إنا لله وإنا إليه راجعون، بعد الأحنف بن قيس والمهلب، ومالك بن مسمع صرنا إلى فرقد السبخي؟ هلكنا ورب الكعبة.
قالوا: ووجه يزيد بن عبد الملك - وهو يزيد بن عاتكة - مسلمة بن عبد الملك، والعباس بن الوليد بن عبد الملك في جمع عظيم من أهل الشام والجزيرة يقال إن مبلغه سبعون ألفا، ويقال ثمانون ألفا.
وكان يزيد حين خلع قال: إني لأرجو أن أهدم مدينة دمشق حجرا حجرا. فقال الفرزدق:
تخبّرك الكهّان أنك ناقض … دمشق التي قد كانت الجنّ جزّت
لها من جبال الثلج صخرا كأنه … قناعيس (١) حتى أشرفت واشمخرّت
(١) القناعيس جمع قنعاس وهو من الإبل: العظيم، والرجل الشديد المنيع، العظيم الخلق. القاموس.