للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باست امرئ لم يطب نفسا بميتته … إنّ الكرام على ما نابهم صبر

فلما التقوا أغمض كما قال حتى قتل.

قال: ولما لبس سلاحه، دخلت عليه جاريته بسّامة، وكانت من أحبّ الناس إليه، وقد تهيأت وتلبست فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فكرة ذلك كراهة شديدة، وتبسم وقال:

رويدك حتى تنظري عمّ تنجلي … غمامة هذا العارض المتألّق

ثم خرج فقال لدارس: كن قريبا، ثم أطاف على رايات أهل الشام يسأل عن راية راية منها، فقال: أوّه، يقاتلني بقومي من لا قوم له.

وقال أبو مخنف: لما قتل يزيد وانهزم الناس كان المفضل يقاتل أهل الشام، وهو لا يعرف خبر يزيد، ولا أنه قد قتل وأن الناس انهزموا، وإنه لعلى برذون له سمند (١) قريب من الأرض، وأمامه مجفّفة كلما حمل عليهم انكشفوا فيحمل ثم يرجع، حتى يكون من وراء أصحابه، وكان لا يلتفت من أصحابه أحد إلا قال له: لا تلتفت وأقبل بوجهك على عدوّك.

وجعل عامر بن العميثل الأزدي يضرب بسيفه ويقول:

قد علمت أم الصبيّ المولود … أنّي بنصل السّيف غير رعديد

وانكشف جلّ ربيعة، فناداهم المفضل: الكرّة، الكرّة يا معشر ربيعة، نفسي لكم الفداء، اصبروا ساعة فما كنتم بكشف ولا لئام وما الفرار لكم بعادة ولا يؤتينّ أهل العراق من قبلكم.


(١) السمند: الفرس. القاموس.