حتى أحفى دوابهم، ثم لقيهم وقد ضجروا وكلّت خيولهم، فلم يكن بينهم كبير قتال حتى انكشفوا، وصبر الرويمي في نفير قتلوا، وأهوى له بهلول ليطعنه فقال: أسألك بالرحم فاذكرك الله إني مستجير جانح، فأمسك عنه وأتى فلّهم الكوفة، وقدم قائد من أهل الشام في تلك الأيام وهو من بلقين ليوجهه خالد إلى الهند، فقال له: سر إلى هذه المارقة فإن قتلتهم لم أغزكم الهند، فسار القيني في أصحابه وهم ألفان من أهل الشام، وضم إليه خالد جندا من أهل الكوفة، فكان في خمسة آلاف، منهم ثلاثة آلاف من أهل الكوفة. فجعل البهلول ينتقل في السواد حتى قطع خيولهم، ثم أتى لعلع فالتقوا بها فقتل القيني، طعنه البهلول طعنة هتكت سلاحه وأوجره الرمح، فقال: قتلتني. قال: أبعدك الله يا عدو الله، وانهزم الشاميون، فقال البهلول لأصحابه: عليكم بالشاميين فإن الكوفيين أخرجوا كرها.
فاتبعوهم فكانوا إذا لحقوا الشامي قتلوه وإذا لحقوا عراقيا لم يقتلوه. فقال رجل ممن نجا من الشاميين:
ما كنت أدري ما السيوف ووقعها … حتى لقيت فوارس البهلول
يضحي بأرض والمبيت بغيرها … هيهات من ممساك حيث تقيل
وقال البهلول لأصحابه لما قتل القيني: علام نقيم على خالد وندع الذي أمّره؟ فتوجه إلى الموصل وهو يريد الشام، فوجه إليه والي الموصل قائدا يقال له سفيان، فهزمه البهلول. فكتب صاحب الموصل إلى هشام يخبره خبر البهلول ويستمده، فكتب هشام إلى عامل الجزيرة أن يمده فسرح إليه قائدا من أهل الجزيرة في خمسمائة، ووجه هشام من الرصافة جندا، وكتب إليه أن ضم إليهم جند الموصل واستعمل عليهم كثارة، وهو لا يعلم