وأصبحوا فعاودهم القتال فقتل وقتل الخوارج غير نفير يسير انحازوا إلى العراق، وقال بعض الشعراء من الخوارج في دعامة:
لبئس أمير القوم معترفا به … دعامة في الهيجاء شر الدعائم
وكان الضحاك بن قيس - أحد بني محلم - جرح يومئذ فنزف وعطش، فرفع له خباء، فأتاه فوجد فيه امرأة، فاستسقى فسقته، وسقط فلم يقدر على النهوض، فلما أفاق مما كان به وبرئ أتى أصحابه من القعد فقالوا: فررت من الزحف. ولم يقرّ بالفرار واعتذر فلم يقبلوا عذره فكانوا لا يجالسونه ولا يكلمونه، فقال الضحاك: اللهم إني قد صدقتهم فكذبوني وبذلت نفسي فردّوني، اللهم أنت خير لي منهم. وقال:
لا تطردوني إذا ما جئت زائركم … أرجو الفلاح وكونوا اليوم إخوانا
بدّلت بعد أبي بشر وصحبته … قوما عليّ مع الأحزاب أعوانا
في أبيات.
ثم إنه أقرّ بالكفر واستتابوه فتاب.
قالوا: وكان بهلول لين السيرة لا يقاتل إلاّ من قاتله ولا يعرض لأحد ولا يأخذ شيئا إلا بثمن.