للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صيف عن قليل تقشّع» فدعا به فقال له: أنت القائل: سحابة صيف عن قليل تقشّع؟. أما والله لا تقشع حتى يصيبك منها شؤبوب (١) برد فضربه مائة سوط.

ويقال إن خالدا كان يغشاه في سلطانه ويغتابه إذا غاب عنه، ويقول:

ما في قلب بلال من الإيمان مثل ما في بيت أبي الزرد من الجوهر، وكان أبو الزرد الحنفي مفلسا، فأخذه بلال، وخاف خالد أن يقتله، فقال بلال: والله لا أتركك إلا بكفالة عشرة فيهم نعيم أخوك، فكفلوا به على أنه إن غاب فعليهم مائة ألف، فهرب خالد وأحضرهم فأخذ منهم بلال المائة الألف، فقال خالد:

فلا تحسبني يا بن واهصة (٢) … الخصى

ضعيف القوى لا يستطيع التحولا

أتيح لنا من أرضه وسمائه … بلال أراح الله منه فعجّلا

فلما أخذ يوسف بن عمر بلالا وثب عليه خالد فقال: أصلح الله الأمير، هذا بلال بن أبي بردة بن أبي موسى، وكان جده حلاقا فاكتنى بموساه، وكانت جدته طهفة بنت ذمون حالكة الجلدة، قردة الشعر (٣)، وكانت أمّه أمة لأبيه يضربها في الدرهم، وتطوف في الأسواق وكأنّ رجليها حوافر حمار، يغمز العبيد شواكلها (٤). فقال بلال: أنت تكلمني والأمير عنك راض وعليّ ساخط، وأنا غريب، وأنت على باب منزلك.

وكان يوسف بالحيرة يومئذ فنسبه إلى أنه من أهل الحيرة. قال: ألست


(١) الشؤبوب من المطر: الدفعة من المطر. القاموس.
(٢) الوهص: الجب والخصاء. القاموس.
(٣) قرد الشعر: تجعد. القاموس.
(٤) شكلت المرأة شعرها: ضفرت خصلتين من مقدم رأسها عن يمين القاموس.