قال: يعطى منديل ثيابي وبرذوني الأصفر، فأعطيت ذلك، وقال: إذا سمعت إني قد وليت العراق يوما فالحق بي، فما أمسى بعسكر هشام أجود ثوبا ولا أكرم مركبا مني، ولم ألبث إلا يسيرا حتى قيل: قد ولى هشام خالد بن عبد الله العراق فخرجت ووكلت العريف بقبض أرزاقي على أنها له إلى قدومي، وشخصت إلى العراق، فلما قدمت على خالد الكوفة وسلمت عليه أمر لي بدنانير وكسوة بقيمة ستمائة دينار.
وقال لي يوما هل تكتب يا زياد؟ قلت: لا أنا أقرأ ولا أكتب. فضرب بيده على جبينه وقال: إنا لله، سقط تسعة أعشار ما كنت أريده بك وبقي لك واحد، واشترى غلاما كاتبا حاسبا وبعث به إلي فعلمني الكتاب حتى قرأت قراءة جيدة وكتبت، فدفع إليّ كتابا من عامله، عامل الري فقرأته فسرّ بذلك وقال: قد وليتك عمله، فخرجت حتى قدمت الريّ، فأخذت عامل الخراج فأرسل إليّ: إن أمير المؤمنين هشاما لم يولّ قط عربيا الخراج، فتغطرست عليه، فقال: خذ مني ثلاثمائة ألف درهم وأمسك عني، وأقمت على عملي، ثم كتبت إلى خالد: إني قد اشتقت إلى الأمير فليرفعني إليه. فلما قدمت عليه ولاني شرطه.
قالوا: وكان خالد أقرّ الصقر بن عبد الله على شرطه أشهرا، وكان ابن هبيرة ولاه الشرط ثم عزله، واستعمل خالد على الكوفة عبد الملك الأزدي، من أهل فلسطين، ثم عزله، وولى رجلا يقال له عبد الله بن عمرو من بجيلة، ثم عزله، واستعمل أخاه عاصم بن عمرو، وولى زياد بن عبيد الله بعد عدّة عزلهم، فلم يزل عليها إلى أن ولي يوسف بن عمر العراق.