الأحوص. قال: نعم. قال: فما أقدمك هذه البلاد؟. قال تتابع السنين وقلة الرافدين، قال: فمن أردت بهذا البلد؟. قال: أميركم هذا الذي ترفعه امرته، وتضعه أسرته. قال: وما أردت منه إذ كان كذلك؟. قال: كثرة دراهمه لا كرم آبائه. قال: أفتوصلت إليه بشعر؟ قال: نعم. قال:
فأنشدناه. فقال: يا أم جحش أنشديه. قالت: هيه كم تسومنا اليوم مدح اللئيم. قال: إنه لا بد منه. فأنشدت:
إليك ابن عبد الله للحمد جاوزت … بنا البيد عيس كالقسي عياهم
عليهنّ بيض من ذؤابة عامر … حدتهم سنون مجحفات مشائم
يزرن امرأ يعطي على الحمد ما له … تهون عليه للثّناء الدراهم
فإن يعطنا شيئا فهذا ثناؤنا … وإن تكن الأخرى فما لك لائم
فقال خالد: ما أعجب أمرك، تقول فيه ما قلت ثم تمدحه بهذا الشعر، أفتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا خالد وسأعطيك ولا أكافئك. فقال: يا أم جحش اصرفي وجه الأتان راجعة. قال: إني مغنيك. قال: ما كنت لأسمع رجلا مكروها ثم أرزؤه شيئا. فقال خالد: بمثل صبر الشيخ أدرك آباؤه من الشرف ما أدركوا.
ويقال إن خالدا خرج ومعه بعض ولد المغيرة، وبعض ولد جرير بن عبد الله، فرأى هذا الأعرابي وكان مسنا فقال له: ما تقول في المغيرة بن شعبة؟ قال: أعور زنّاء. قال: فما تقول في الأشعث؟ قال: لا يعتزى (١) قومه ما بقي