وأتت امرأة من بني قشير خالدا فمثلت بين يديه فقالت:
إليك يا بن السادة الأماجد … يعمد في الحاجات كل عامد
أشبهت يا خالد خير والد … أشبهت عبد الله في المحامد
فالناس بين صادر ووارد … مثل حجيج البيت نحو خالد
ليس طريف المجد مثل التالد
فقال لها خالد: من أنت؟. قالت: امرأة أكبّ عليها الزمان فلم يدع لها سبدا ولا لبدا ولا صافنا ولا ماهنا. فقيل لها: هل لك أن يتزوجك الأمير؟. قالت: والله لئن فقدت نشبا ما فقدت حسبا وما كنت لأتزوج دعيا، وإن كان مثريا غنيا.
الهيثم بن عدي قال: ألقيت بين يدي خالد تراس فقال لمن عنده:
اغمزوها أيها أصلب. فغمز رجل منهم يقال له عامر ترسا فضرط، فقال خالد: ما على رجل أمر رجلا بأمر فأضرطه؟. قالوا: أربعون درهما. فأمر له خالد بأربعين ألف درهم فقال شاعر من بني تميم:
أيضرط عامر من غمز ترس … فيحبوه الأمير بها بدورا
فيا لك ضرطة عادت بخير … ويا لك ضرطة أغنت فقيرا
فودّ القوم لو ضرطوا جميعا … فنالوا من عطيته عشيرا
أتقبل ضارطا ألفا بألف … فترخص أصلح الله الأميرا
فقال: خالد: ما سررنا بواحدة لما جاءتنا فما حاجتنا إلى ألف. أعطوه ألفي درهم. وقد قيل إن هذا كان عند بشر بن مروان، وهو الثبت.