دليلك؟ قلت، هوذا، فسأله عن الطريق فقال: هذه طريق المدينة، وهذه طريق العراق. فقلت: والله ما هي بأيام عمرة، فلم يتكلم حتى أناخ بين الحيرة والكوفة في بعض الليل، ثم استلقى على ظهره، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال:
فما لبثنا العيس أن قذفت بنا … نوى غربة والعهد غير قديم
يا أشرس ابغني إنسانا أسائله، فأتيته برجل فقال: سله عن ابن النصرانية، فقلت: ما فعل خالد؟. قال: في الحمة، اشتكى فخرج إليها، قال: سله عن طارق، فقال: ختن بنيه وهو يطعم الناس بالحيرة وخليفته عطية بن مقلاص يطعم الناس بالكوفة، قال: خلّ عن الرجل.
ثم ركب فأناخ بالرحبة، ودخل المسجد، فصلى يوسف، ثم استلقى على ظهره فمكثنا ليلا طويلا، ثم جاء المؤذنون، وزياد بن عبيد الله الحارثي يومئذ على الكوفة خليفة لخالد، فأذنوا ثم سلموا وخرج زياد وأقيمت الصلاة فذهب زياد ليتقدم فقال يوسف: يا أشرس نحّه. فذهب ليتقدم فقلت:
يا زياد تأخر، الأمير. فتأخر زياد، وتقدم يوسف وكان حسن القراءة فصيحا فقرأ: ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ و ﴿إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ﴾ فصلى الفجر وتقدم القاضي فحمد الله وأثنى عليه، ودعا للخليفة وقال: ما اسم أميركم؟ فأخبر فدعا له بالصلاح، فما تفرق أهل الصلاة حتى جاء الناس، ولم يبرح يوسف حتى بعث الحكم بن الصلت وعطاء بن مقدم إلى خالد، وبعث محمد بن منظور الأسدي إلى أبان بن الوليد بفارس، وبعث كثير بن عبد الله أبا العاج إلى بلال بن أبي بردة بالبصرة، وبعث ابراهيم بن عاصم العقيلي إلى عبد الله بن أبي بردة بسجستان، وأمر هشام أن يعزل عمال خالد