للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعواما وقدمت الشام فإذا هو مفرد لا يجالسه أحد ولا يكلمه، فقلت له:

إني قدمت الشام مذ أعوام فرأيتك في حال تمنيت أن أكون في مثلها، وأنت اليوم على ما أرى، فقال: إنه بلغ قومنا عن شيء فأخذوا بظاهر البلاغ، ولم يطلعوا على باطن الضمير، ومن ورائنا وورائهم الحساب.

المدائني عن أبي اليقظان قال: كان بالشام رجل من أهل اليمن يقال له عبد الله بن سهيل، وقد ولي دمشق أو شرطتها مرارا، فكتب الوليد إلى هشام يعلمه أنه قد فارق عبد الصمد ويسأله أن يأذن لابن سهيل في القدوم عليه، فضرب هشام ابن سهيل ونفاه، وأخذ عياض بن مسلم وبلغه أنه يكتب بالأخبار إلى الوليد فضربه وألبسه المسوح وقيده وحبسه، فغم ذلك الوليد فقال: من يثق بالناس أو يصطنع المعروف هذا الأحول المشؤوم قدّمه أبي وولاه الخلافة وهو يصنع ما ترون.

وقال الوليد:

أنا النذير لمسدي نعمة أبدا … إلى المقاريف ما لم يخبر الدخلا

إن أنت أكرمتهم ألفيتهم بطرا … وإن أهنتهم ألفيتهم ذللا

أتشمخون ومنّا أصل نعمتكم … ستعلمون إذا صرتم لنا خولا

أنظر فإن أنت لم تقدر على مثل … لهم سوى الكلب فاضربه لهم مثلا

بينا يسمّنه للصيد صاحبه … عدا عليه فلو يسطيعه أكلا (١)

قالوا: وبلغ الوليد أن العباس بن الوليد بن عبد الملك وعمر بن الوليد وغيرهما من بني مروان يعيبونه بشرب الشراب فقال:


(١) شعر الوليد ص ٩٢ - ٩٥.