للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى مقدمته عبيدة بن سوار في أربعمائة فانتهى عبيدة إلى جسر النهروان، وعليه قائد لأهل الشام في ألفين، وقد قطع القائد الجسر فشتموا عبيدة وأصحابه، فقال عبيدة: إنا لم ندع الأموال والأهلين ونحن نبالي ما قلتم فاختاروا واحدة من ثلاث: إما أن تجيبونا إلى أمرنا وتجنحون إلينا، وإما أن تعقدوا الجسر وتعبروا إلينا ونعطيكم موثقا ألاّ يعرض لأحد منكم حتى تتاموا قبلنا فنحاكمكم إلى الله، أو تعطونا عهدا - وما أنتم بثقة - ألا تهيجوا أحدا منا حتى يعبر إليكم عشرة فيقاتلونكم، فإن قتلتموهم عبر إليكم مثلهم حتى تأتوا على آخرنا أو نظفر. فأبوا.

وعقد الضحاك بن قيس الجسر وعبر أصحابه إلى المدائن، فكتب إليه القعد الذين بالكوفة مع أصعر بن عبد الرحمن، وكتب إليه عاصم بن الحدثان فسرّه ذلك، وقال: قد آن لهم أن يكتبوا إليّ، وكان كتاب عاصم مع جميل العجلي:

«أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله الذي ﴿يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (١) فإنه قال: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ﴾ (٢). واعلم يا أمير المؤمنين أن لكل عمل عند الله جزاء: إن حسنا فحسن، وإن سيّئا فعقوبة، إلا ما عفا الله عنه، واذكر نعمة الله عليك وعلى المسلمين إذ كثّركم بعد القلّة وأعزكم بعد الذلّة، كتبت إليك يا أمير المؤمنين وأنا ومن قبلي من المسلمين في نعم علينا من الله سابغة، نسأل الله تمام ذلك بكمال الإسلام والعون والنصر، وقد وجهت إليك مع حميد


(١) سورة غافر - الآية:١٩.
(٢) سورة النساء - الآية:١٣١.