عبيد الله بن العباس: عبوره أيسر علينا من طلبنا له فدعه فليعبر. فأخذ برأيه.
وسرّح مسكين الخارجي خيلا فصعدت بالسفن فعقدوا الجسر وعبروا، وقد خندق أهل الكوفة على أفواه السكك، فاقتحم مسكين الخندق ثم رجع، فسار الخوارج إلى النخيلة فنزلوها في سنة تسع وعشرين ومائة، وابن عمر بن عبد العزيز يومئذ يقاتل النضر بن سعيد الحرشي قبل ذلك أربعة أشهر في العصبية بين أهل اليمن والقيسية: أهل اليمن مع ابن عمر، والقيسية مع النضر بن سعيد، فلما نزل الضحاك النخيلة أرسل ابن عمر إلى النضر: إن هذا المارق يريدني ويريدك فهلّم فلتكن اليدان عليه جميعا ثم ننظر.
وسفر بينهما العباس بن عبيد الله بن عبد الله ببّة بن الحارث بن عبد المطلب، فأصابه سهم فقتل، ويقال إنه قتل قبل ذلك، وكان السفير غيره، فصاروا جميعا يدا على الضحاك بن قيس.
قالوا: وأصبحوا غداة أربعاء فساروا إلى الخوارج، فالتقوا فقتل من الخوارج يومئذ أربعة عشر رجلا ونسوة، ثم التقوا من الغد فاشتد الأمر بينهم وجعل رجل من الخوارج يرتجز ويقول:
يا نفس من طول الحياة ملّي … وعيشك المقطّع المولّي
علّي ألقى عاصما لعلّي … في جنة عالية وخلّ
وبيهس وكهمس المصلّي
فحمل عليه عبيد الله بن العباس بن يزيد فحاد عنه الخارجي فقال له عبيد الله: تتمنى الجنة وتحيد؟ فقال: أحيد لما هو شرّ لك يا عدو الله.