للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاستقامة على منهاجه، والمداومة على أمره، وندم اسماعيل على ما كان منه فقاتلهم الضحاك ستة أشهر ويقال سنة على باب المضمار، وباب الزاب، وكان يلي قتال الخوارج منصور بن جمهور، ولم تكن القيسية بمناصحة لابن عمر فقتل منصور يوما رجلا من عبّاد الخوارج في المعركة يقال له عكرمة، وجرح منصور جراحة خفيفة، فأمر له ابن عمر بثلاثين ألفا.

ثم قاتلهم منصور على باب الزاب، فاستعلى الخوارج، وأكثروا القتل في اليمانية، وقتل من الخوارج عبد الملك بن علقمة العبدي، طعنه منصور فقتله، وحملت عليه أم العشنزر فأخذت بلجام دابته وضربته ضربة خفيفة، وضربها منصور ضربة شديدة، وقتل أبي جحشنة أخي الضحاك.

ودنا الخوارج من المدينة فأمر ابن عمر بدوابّ (١) مقاريف فألبست المشاقة (٢)، ثم أشعل فيها النار وأرسلت في عسكر الخوارج فذعرتهم وأحرقت فساطيطهم وأخبيتهم، ولم تمر بشيء إلا أحرقته، فتركوا خيولهم وتركوا عسكرهم، ونزلوا على أربعة فراسخ منه، ثم تدانوا فصاروا من ابن عمر على فرسخ أو فرسخين، وخرج منصور بن جمهور فقاتله الخيبري وأصحابه على باب البصريين أشد قتال حتى تعانقوا، وقتل عبد الحميد الكلبي وهو ابن عم منصور، وقاتل ابن عمر الضحاك من ناحية باب الزاب، ثم تحاجزوا، فقال منصور لابن عمر: ما قاتلت مثل هؤلاء القوم عربا ولا عجما. فقال ابن عمر: الرأي أن نعطيهم الرضا ونضرب بهم


(١) المقرف من الفرس وغيره: ما يداني الهجنة، أي أمه عربية لا أبوه، لأن الاقراف من قبل الفحل والهجنة من قبل الأم. القاموس.
(٢) المشاقة: ما سقط من الشعر أو الكتان عند المشط. القاموس.