وقال الواقدي: حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن ربيع بنت معوذ قالت:
دخلت في نسوة من الأنصار على أسماء بنت مخرّبة، أم أبي جهل، في خلافة عمر بن الخطاب، وكان ابنها عبد الله بن أبي ربيعة يبعث لها بعطر من اليمن، فكانت تبيعه إلى الأعطية، فكنا نشتري منها. فقالت لي: وإنك لابنة قاتل سيده؟ قالت: قلت: لا، ولكني ابنة قاتل عبده، فقالت:
والله لا أبيعك شيئا أبدا.
وأمر رسول الله ﷺ حين وضعت الحرب أوزارها أن يلتمس أبو جهل. قال ابن مسعود: فوجدته مرتثا في آخر رمق، فوضعت رجلي على عنقه، وقلت: الحمد الله الذي أخزاك. فقال: إنما أخزى الله ابن أم عبد، أرويعينا بالأمس، لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم؛ لمن الدائرة؟ قلت: لله ولرسوله. قال: فأقتلع بيضته عن قفاه؛ وقلت: إني قاتلك يا أبا جهل. قال: لست بأول عبد قتل سيده؛ أما إنّ أشد شيء لقيته اليوم في نفسي لقتلك إياي وألا يكون ولي قتلي رجل من الأحلاف أو المطيّبين. فضربه عبد الله فوق رأسه بين يديه، ثم سلبه، وأقبل بسلاحه ودرعه وبيضته، فوضع ذلك بين يدي رسول الله ﷺ، وقال: أبشر يا نبي الله بقتل عدو الله أبي جهل. فقال:«والله لذلك أحب إليّ من حمر النعم»، أو كما قال ﷺ. ورأى عبد الله بجسده خضرة، فوصفها للنبي ﷺ.
فقال: ذلك ضرب الملائكة. وقد يقال إنّ ابني عفراء لما ضربا أبا جهل، لم يقتلهما حتى جرحاه. فقال رسول الله ﷺ، ووقف على مصرع ابني عفراء:
«رحمهما الله، فقد شركا في قتل فرعون هذه الأمة». وقيل إنّ الملائكة قتلت أبا جهل مع ابني عفراء، وذفّف عليه ابن مسعود. والله تعالى أعلم.