فلما كان في شوال سنة إحدى وثلاثين ومائة كتب مروان إلى عبد الملك يأمره أن يستخلف رجلا ويحضر الموسم فيقيم للناس الحج، فصالح عبد الملك أهل حضرموت على أن يستعمل عليهم رجلا منهم، فولى على حضرموت رجلا من أهلها تراضوا به، وردّ عليهم ما عرفوا من متاعهم، وكتب عليهم كتابا، وكتب إلى الوليد بن عروة يأمره أن يوافي مكة من المدينة، فإن أبطأ قدومه أن يقيم أمر الموسم ويصلي بالناس، ووجه بكتابه إليه رجلا، وأمر بإغذاذ السير وإجذامه وترك الفتور فيه، فخرج الرجل يركض إلى الوليد بالمدينة.
وخلف عبد الملك عبد الرحمن بن زيد بن عطية على صنعاء، وخرج عبد الملك في اثني عشر فلما كان بأرض مراد - وكان قد أصاب منهم قوما مع طالب الحق - عرض له قوم منهم فقال: هذا كتاب أمير المؤمنين إليّ في حضور الموسم، فكذبوه وقاتلوه فقتلوه وفتشوا ما معه فوجدوا كتاب مروان إليه في توليته الموسم، فجاء قوم من همدان فدفنوه.
ويقال إنه خرج في أربعين فاتبعه قوم من همدان ومراد وظنوه منهزما فقتلوه، وكانوا خوارج وقالوا له: قتلت عبد الله بن يحيى، والمختار وبلجا، وأبرهة بن الصباح. وقتلوا أصحابه أيضا، وبعثوا برأس عبد الملك إلى حضرموت.
وبلغ عبد الرحمن بن زيد بن عطية خبره وهو بصنعاء، فأرسل شعيبا البارقي في الخيل فقتل الرجال والصبيان، وبقر بطون النساء، وأخذ الأموال، وأخرب القرى، وأقام الحج للناس أبو الوليد عروة، واستعمل مروان على مكة والمدينة والطائف يوسف بن عروة بن عطية.